بـدون تعليـــــــق

___________________________

الأربعاء، أبريل 22

عن معنى الوطـــــــــن!!!!!!!!

في الصف الخامس, وفي حصة التعبير, حين طلبت منهن المدرسة أن يكتبن موضوعا عن الوطن, جميعهن فعلن, حتى هي. لكن موضوعها كان مختلفا, لم تكتب حينها عن ذلك المكان الذي تعيش فيه , لكنها كتبت عن ذلك المكان الذي يعيش فيها. حين فعلت لم تسأل نفسها قبلا عن معنى الوطن, فقط كانت تعرف أنها لا تملك سوى وطن واحد, وطن وإن فصلتها عنه مئات الأميال ..... سيظل بقلبها.

بعد أعوام عشر, وبينما تعيش في المكان الذي يعيش فيها. راودها السؤال عن معنى الوطن.

"الوطن مكان إقامة الإنسان ومقره, ولد به أم لم يولد"

هكذا أخبرها المعجم, لكنها لم تصدقه, هو لا يعرف معنى الوطن.

لا يزال سؤالها يبحث عن إجابة...

أيكون ذلك المكان حيث صرخة الميلاد الأولى! ولكن ماذا وإن انطلقت الصرخة في مكان آخر..أترى يتغير الوطن؟!!!

أيكون ذلك الاسم المكتوب في خانة الجنسية! لكن ماذا لو تغير الاسم إلى آخر...أترى يتغير الوطن؟!!!

أيكون هناك حيث الذكريات, حيث الأهل, حيث الصحبة! لكن ماذا لو لم تعش فيه هو...أترى يتغير الوطن؟!!!

أيكون تلك الأرض الذي يحدها ذاك البحر شمالا وشرقا وتلك اليابسة جنوبا وغربا! لكن ماذا وإن تغيرت الحدود...أترى يتغير الوطن؟!!!

أيكون ذاك التراب حيث دفن الأجداد! ولكن ماذا وإن أزيلت القبور...أترى يتغير الوطن؟!!!

لم تستطع أن تجد تعريفا للكلمة, ولم يستطع أحد أن يفعل. لكنها كانت تعلم جيدا أن الوطن غير قابل للتغيير. شيئ واحد أدركته...أن الأشياء العظيمة لا تحتاج إلى تعريفات, فهي ذاتها ولا شيئ آخر...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(اتمنى لو كتبتي ماذا تعني كلمة مصر لك؟) ........... كان هذا سؤال الزميل المدون "نور" لي تعليقا على تدوينتي السابقة.... وهكذا كانت محاولاتي البائسة بحثا عن إجابة!!!!!!!!!!!!!!!!

الأربعاء، أبريل 15

بلادي


كان الحفل الأول الذي أذهب إليه منذ دخولي الجامعة "حفل تخريج الدفعة 47 من كلية العلوم"

عجيبة تلك الصدفة التي أوصلتني إلى قاعة المسرح, لكن الأعجب أنني قررت فجأة حضور الحفل..

جلست وصديقتي في المقاعد الخلفية نتطلع إلى مايدور حولنا. نتأمل تلك العباءات والقبعات السوداء ما بين شوق إلى ذلك اليوم الذي نرتديها فيه, رغبة في الخلاص من حالة التعذيب التي نعيشها , وبين خوف منه, لا أدري إن كان سببه هو حبنا لأيام الجامعة أم هو الخوف من النزول ولأول مرة إلى معترك الحياة..

بدأ الحفل بتلك الاسطوانة الرتيبة من الشكر المقدم إلى رئيس الجامعة الذي صار محافظا , ثم نائبه ثم عميد الكلية ثم الوكيل ثم النائب ثم.. ثم.. حتى شعرت أنهم على وشك تسمية عمال الجامعة فردا فردا..

هاقد انتهت وصلة الشكر لأسمع من مقدم برنامج الحفل شيئا لم أتوقعه " نفتتح احتفالنا بالسلام الوطني"

حينها قام الجميع أساتذة وطلابا من مقاعدهم. يقفون في صمت لا يكسره سوى تلك الكلمات المنبعثة من مكبرات الصوت (بلادي..بلادي..بلادي لك حبي وفؤادي)

ياالله...لم أسمع هذه الكلمات منذ زمن, دون ان اشعر وجدت لساني يتحرك ليردد النشيد (بلادي..بلادي..بلادي لك حبي وفؤادي....مصر يا .............) حينها توقفت, أقسم انني لم استطع المواصلة, لم استطع أن أقولها, أن انطق بها "يا أم البلاد"...

نعم توقف لساني عن النطق لتنطق بدلا منه عيناي, لكن العيون ابدا لا تنطق كلمات..

تعجبت كثيرا من موقفي هذا, هل وصل بي الأمر إلى ذلك الحد!! هل حقا فقدت الأمل في بلادي وما عدت أراها أما للبلاد!! بالطبع لم أجد إجابة..فقط مسحت دموعي ونظرت إلى صديقتي التي سألتني عما بي, فقلت لها (يااه الواحد مش متخيل إنه ممكن ييجي عليه يوم ويسيب الجامعة)... هربت من الإجابة, لكنني عدت لأبحث عنها ولم أجدها حتى الآن..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة (هذه التدوينة هي صفحة من مذكراتي كتبتها العام الفائت, الآن قد مر عام. عام كل يوم فيه أقسم ..أننا في زمن "قد تعق فيه الأم ابناءها")

الثلاثاء، أبريل 7

حيث ولد المنفلوطي...

كانت زيارة رائعة بحق..لكن صدمني كثيرا حديثه عما كان يعتقده قبلا بمحافظتنا, او بالصعيد بوجه عام, وهو كاتب وأديب مشهور, لكنه قرر ان يصحح الخطأ على طريقته, وكتب عن ذلك المكان (حيث ولد المنفلوطي)...


(طارق المنيا) .. (طارق المنيا)..


في كل عام يتكرر هذا الاسم في ذاكرة الهاتف الجوال الذي أحمله، يذكرني بأن صديقي الرسام الشاب (طارق) يكرر دعوتي إلى المنيا .. قال لي إنه سيجعلني أزور (هرموبوليس) و(تونة الجبل) وبقايا العمارنة وكل هذه الأماكن التي أقرأ عنها، دعك من الأهمية الخاصة لمن يكتب في أدب الرعب ويعرف كراولي والهرميتات. في كل عام يتكرر العرض منه ولا أذهب لسبب ما... هذه هي مشكلة الصعيد في أذهان سكان وجه بحري؛ وهي أنه يبدو بعيدًا جدًا والذهاب له يقتضي أيامًا.. ثم تلقيت عرضًا في معرض الكتاب لزيارة أسيوط من ذلك الصديق الأسمر (سامح) الذي يبدو كأنما خرج فورًا من لوحة جدارية فرعونية.. هنا قلت لنفسي: إما الآن أو لا للأبد .. من الوقاحة أن تؤجل زيارة الصعيد خمس سنوات متواصلة .. ثم إن أسيوط أقرب من المنيا على كل حال !


كان عرض سامح شديد الكرم: هل تتلقى مقابلاً ماديًا عن الندوات ؟.. نريد سداد ثمن تذاكر القطار .. الخ .. طبعًا لا مجال لكلام كهذا ما دمتم ستوفرون لي الإقامة بدلاً من أن أبيت على رصيف المحطة حتى موعد الندوة! هناك أشياء يجب أن يدفع المرء مالاً لها ولا يطلبه، ومن ضمنها أن تلقى كل هذا الحب والتقدير.


طبعًا تلقت كبريائي ضربات موجعة بعد رحلة القطار..
أولاً أسيوط أبعد من المنيا بساعة ونصف .. إن معلوماتي الجغرافية خاطئة تمامًا..
ثانيًا أسيوط مهمة جدًا وهي التي أثرت مصر بأحمد بهاء الدين والعلامة جلال الدين السيوطي ويوسف السباعي والمنفلوطي و.. و ..

ثالثًا هي مدينة حديثة جدًا راقية جدًا لا يمكن بمقارنتها بطنطا العجوز. طبعًا كان علي أن أزيح تراثًا هائلاً – منذ كنت في السابعة من عمري - من تمثيليات التلفزيون الرديئة حيث غيطان الذرة و(الطخ) و(مليح جوي جوي يا بوي) و(ماخابرش)، لأكتشف أن جامعة أسيوط تقع على مساحة هائلة من الأرض، ومخططة جيدًا جدًا. وأكتشف أن هؤلاء الشباب مثقفون جدًا ويقرءون في نهم .. ذكرت بعض أسماء المؤلفين والأفلام التي يندر أن أقابل من يعرفها في ندواتي السابقة، فلاحظت أنهم قرءوا كل شيء ..


كانت ساعات رائعة مع كل هؤلاء الشباب الودودين، وكرم الضيافة الواضح والاستقبال الحار الذي فاق توقعاتي. اخترت محاضرتين سبق لي أن ألقيتهما من قبل عن أدب الرعب وعن علاقة الطب بالأدب، وهذا يعود لشعور أصيل لدي بأن الثرثرة عن نفسي لا تكفي مبررًا لعمل ندوة. وإنما أفضل أن أقدم معلومة ما. لكني بالفعل تمنيت لو أعددت محاضرة جديدة خصيصًا لهذه المناسبة .. لم يتسع الوقت لذلك ..


لا أعرف متى ولا كيف ركض الوقت كحصان مجنون، حتى وجدت أني مهدد فعلاً بألا ألحق بقطار العودة .. لهذا أنهيت الندوة آسفًا وأوصلوني للمحطة – لم ينسوا أن أتناول الغداء طبعًا – وسرعان ما كنت أقف أمام القطار الذي يتنهد متذكرًا أن أمامه ست ساعات من الركض نحو القاهرة. كان الوداع .. لكني كنت أعرف جيدًا أنني سأراهم مرة أخرى .. هذه المشاعر الحارة والصداقات الحميمة يصعب أن تموت أو تُنسى .. غالبًا سيكون اللقاء القادم في المنيا لو أعطانا الله العمر ..


أما آخر خاطرة جالت بذهني والقطار يبتعد، هي أنني مندهش .. لماذا لا تهتم الحكومة بوجه بحري كما تهتم بالصعيد ؟!... لماذا تنسى محافظات وجه بحري ولا تمنحها هذه العناية ولا تجعل منها مدنًا راقية حديثة كما رأيت أسيوط ؟... ذكروني بأن أكتب مقالاً شديد اللهجة عن هذا الموضوع .


* هذا المقال كتبه المتميز دائما د/أحمد خالد توفيق, بعد زيارته الأولى لمدينتنا, وأهداه إلى أسرة الحياة بطب أسيوط لنشره في العدد الشهري من مجلة الأسرة *..