بـدون تعليـــــــق

___________________________

الجمعة، ديسمبر 3

حتى نعــذر أمام الله

Ent7abat@ ………
كان هذا العنوان الإلكتروني هو ما تصدر رأس الصفحة المليئة عن آخرها بتفاصيل الانتخابات في كل محافظة من محافظات مصر كل على حدة ...
بالطبع لست أكتب هنا لاستنكر وأتساءل كيف لجريدة بقيمة وقامة وتاريخ "الوفد" أن تستخدم الفرانكو آراب!! فقد أضحى الأمر "عاديا" وربما نوشك أن تُقر الفرانكو لغة رسمية في البلاد إلى جوار –أو ربما ما قبل- العربية, إضافة إلى أنه قد ألم بالجسد أمراض أخرى وكطبيعة بشرية تستوقفنا الأشياء المستجدة إلى حد قد يجعلنا ننسى الكوارث القديمة مهما عظمت.ـ

Ent7abat
قرأتها كما قد يقرؤها أي شخص للوهلة الأولى, وتساءلت حينها هل سقطت الـ " ' " سهواً من الكاتب أم أنها مقصودة؟ إذ أن الكلمة في هذه الحالة لن تُقرأ "انتخابات" وإنما "انتحابات" ..
وحيث أنهم يقولون أن زلات اللسان إنما تعبر عن مكنون نفس الإنسان, فقد جاءت هذه الكلمة على هذه الصورة لتعبر عن الحقيقة المختصرة لما حدث طوال الأيام أو الأسابيع أو ربما الشهور الفائته.
ـ(النَّحْبُ والنَّحِـيبُ: رَفْعُ الصَّوتِ بالبكاءِ، وفي المحكم: أَشدُّ البكاءِ, و في القاموس النحب أشد البكاء, و نحب نحِـيباً، والانْتِحابُ مثله، وانتَحَبَ انتِحاباً. ) هكذا يقول لسان العرب في تعريف الكلمة.
انتِحاب .. هذا تحديداً ما نفعله الآن وما كنا نفعله منذ زمن, "ننتحب" ولا نفعل أكثر من هذا, ننتحب على حالنا حينا وعلى حال بلدنا حينا آخر مكتفين بهذا الانتحاب رائين أننا قد أدينا واجبنا على أكمل وجه تجاه الوطن الذي نرى كم أصبح حاله مزريا, وكلما ازدات الدموع نما شعورنا بالرضا متجاهلين –سهوا حيناَ وعن عمد أحايين كثيرة- أن مصر قد سئمت بكاءنا عليها الذي ما عاد - ولا كان يوما – يسمن ولا يغني من جوع.
بعدما انتهت المسرحية السخيفة التي "استمتعنا" بمشاهدتها طوال شهور مضت, أو كادت تنتهي, وبنظرة خاطفة على كل ما حدث, تلتها نظرة متفحصة, أدركت أن "الكل خائن" , وأما مصر فقد تفرق دمها المسفوح بيننا جميعا دون استثناء - إلا من رحم ربي-ـ
نعم كلنا مذنبون .. أنا لم اذهب للتصويت يوم "الأحد" وربما أنت لم تفعل. لماذا؟ ربما يأسا مبعثه يقين بالتزوير أو ربما بحجة "المقاطعة" وكلاهما عذران يوشكان أن يصيرا أقبح من الذنب, والذنب هنا ليس الامتناع عن "التصويت" في ذاته وإنما الاكتفاء دوماً بالمشاهدة والتنديد, فكلنا يعلم أن المقاطعة ما كانت لتجدي لأن الأحزاب والجماعة قد ضربوا بالمبدأ عرض الحائط منذ البداية واتفقوا على ألا يتفقوا, أما إن كانت الحجة هي اليقين بالتزوير, فقد زُورت سواء شاركنا أم لم نفعل, أما نحن فاكتفينا بالمشاهدة ثم الصدمة ثم "الانتحاب"ـ
ترى ماذا كنا ننتظر؟ أن نستيقظ صباح الاثنين لنرى كل شيء على ما يرام؟ وأن نشاهد برلمانا يضاهي البرلمان البريطاني؟ .. كلا, كنا نعرف أن هذا لن يحدث أبدا, لن يحدث سواء "صوتنا" أم لم "نصوت". فلماذا استنكرنا ونددنا وشجبنا إذن؟ ألأن الحزب الحاكم قد قرر من باب –إن لم تستحِ فاصنع ما شئت- أن يحتل البرلمان احتلالا وأن يحصل على كل المقاعد –تقريبا-؟ نعم كان ما حدث "فجاَ" لكنه لم يغير في واقع الأمر شيئاً, في جميع الأحوال ستكون النتيجة أن الأغلبية للحزب المعَظم وأن مسلسل الانتخابات الرئاسية قد تم الانتهاء من تصويره ولم يعد ينقص سوى عرضه على المشاهدين في وقت لاحق.

لذلك كلنا مذنبون, لأننا كنا جزء من التمثيلية أو المسرحية بشكل أو بآخر, ولأننا ندرك تماما أنه مهما استنكرنا ونددنا فإن شيئا لن ينتغير .. ندرك تماما أن الانتخابات لن تغير شيئا لأنه حين تكون البذور فاسدة يستحيل أن يكون النبت صالحاً, وندرك تماما - أو علينا أن ندرك - أن شيئاً لن يتغير طالما أن الأمور على هذه الحال وأنه مطلوب منا أكثر بكثير مما نفعل –إن كنا نفعل-, ربما علينا أن نتساءل هل يكفي أن تمتنع عن الخطأ لتكون مصيباً وهل يكفي أن تجتنب الرذيلة لتكون فاضلا؟ وهل يكفي أن يتعلم الواحد منا ويحصل على شهادة ويعمل ويتزوج وينجب أبناء ويربيهم ويعلمهم ليعودوا فيفعلوا ما فعل!! هل هذا كافٍ؟

قد يكون هذا كافيا إن كنت مواطناً أمريكياً أو بريطانياً أو فرنسياً, لأنك حينها ستكون مواطناً في وطن "طبيعي" , أما أن تكون في وطن حاله كحال وطننا "المأسوف عليه" فلربما تحتاج أن تفعل أكثر كي تكون مواطنا حقيقيا, لأنك ستكون مسؤولا بطريقة او بأخرى عن حال البلد الذي أنت جزء منه, ولأنه يستحيل أن يكون "أضعف الإيمان" كافيا لنكون قد أدينا حق وطننا علينا حين يكون قد وصل به الحال إلى ما هو عليه.

أنا لا أكتب هذا لأنني أعرف جواباً محدداً لما يتوجب علينا أن نفعله كي نكون مواطنين صالحين في هذا الوطن مستحقين لأن نكون جزء منه, لكنني حين قرأت كيف يرى المهندس: محمد الصاوي "الوطنية" في نقاط عدة كانت إحداها أن الوطنية هي أن تقلع عن "تدخين السجائر أو الشيشة" , شعرت وكأنني أكاد اسمع مصر تقولها "الآن أرحل في قطار الموت ألعن كل خائن, فالكل يا مولاي خائن .. الكل يا مولاي خائن"ـ
,وأدركت أن أمامنا الكثير الكثير نفعله حتى نكفرعن ذنب الخيانة و حتى –ولو على الأقل- نعذر أمام الله في هذا البلد.