بـدون تعليـــــــق

___________________________

الجمعة، ديسمبر 3

حتى نعــذر أمام الله

Ent7abat@ ………
كان هذا العنوان الإلكتروني هو ما تصدر رأس الصفحة المليئة عن آخرها بتفاصيل الانتخابات في كل محافظة من محافظات مصر كل على حدة ...
بالطبع لست أكتب هنا لاستنكر وأتساءل كيف لجريدة بقيمة وقامة وتاريخ "الوفد" أن تستخدم الفرانكو آراب!! فقد أضحى الأمر "عاديا" وربما نوشك أن تُقر الفرانكو لغة رسمية في البلاد إلى جوار –أو ربما ما قبل- العربية, إضافة إلى أنه قد ألم بالجسد أمراض أخرى وكطبيعة بشرية تستوقفنا الأشياء المستجدة إلى حد قد يجعلنا ننسى الكوارث القديمة مهما عظمت.ـ

Ent7abat
قرأتها كما قد يقرؤها أي شخص للوهلة الأولى, وتساءلت حينها هل سقطت الـ " ' " سهواً من الكاتب أم أنها مقصودة؟ إذ أن الكلمة في هذه الحالة لن تُقرأ "انتخابات" وإنما "انتحابات" ..
وحيث أنهم يقولون أن زلات اللسان إنما تعبر عن مكنون نفس الإنسان, فقد جاءت هذه الكلمة على هذه الصورة لتعبر عن الحقيقة المختصرة لما حدث طوال الأيام أو الأسابيع أو ربما الشهور الفائته.
ـ(النَّحْبُ والنَّحِـيبُ: رَفْعُ الصَّوتِ بالبكاءِ، وفي المحكم: أَشدُّ البكاءِ, و في القاموس النحب أشد البكاء, و نحب نحِـيباً، والانْتِحابُ مثله، وانتَحَبَ انتِحاباً. ) هكذا يقول لسان العرب في تعريف الكلمة.
انتِحاب .. هذا تحديداً ما نفعله الآن وما كنا نفعله منذ زمن, "ننتحب" ولا نفعل أكثر من هذا, ننتحب على حالنا حينا وعلى حال بلدنا حينا آخر مكتفين بهذا الانتحاب رائين أننا قد أدينا واجبنا على أكمل وجه تجاه الوطن الذي نرى كم أصبح حاله مزريا, وكلما ازدات الدموع نما شعورنا بالرضا متجاهلين –سهوا حيناَ وعن عمد أحايين كثيرة- أن مصر قد سئمت بكاءنا عليها الذي ما عاد - ولا كان يوما – يسمن ولا يغني من جوع.
بعدما انتهت المسرحية السخيفة التي "استمتعنا" بمشاهدتها طوال شهور مضت, أو كادت تنتهي, وبنظرة خاطفة على كل ما حدث, تلتها نظرة متفحصة, أدركت أن "الكل خائن" , وأما مصر فقد تفرق دمها المسفوح بيننا جميعا دون استثناء - إلا من رحم ربي-ـ
نعم كلنا مذنبون .. أنا لم اذهب للتصويت يوم "الأحد" وربما أنت لم تفعل. لماذا؟ ربما يأسا مبعثه يقين بالتزوير أو ربما بحجة "المقاطعة" وكلاهما عذران يوشكان أن يصيرا أقبح من الذنب, والذنب هنا ليس الامتناع عن "التصويت" في ذاته وإنما الاكتفاء دوماً بالمشاهدة والتنديد, فكلنا يعلم أن المقاطعة ما كانت لتجدي لأن الأحزاب والجماعة قد ضربوا بالمبدأ عرض الحائط منذ البداية واتفقوا على ألا يتفقوا, أما إن كانت الحجة هي اليقين بالتزوير, فقد زُورت سواء شاركنا أم لم نفعل, أما نحن فاكتفينا بالمشاهدة ثم الصدمة ثم "الانتحاب"ـ
ترى ماذا كنا ننتظر؟ أن نستيقظ صباح الاثنين لنرى كل شيء على ما يرام؟ وأن نشاهد برلمانا يضاهي البرلمان البريطاني؟ .. كلا, كنا نعرف أن هذا لن يحدث أبدا, لن يحدث سواء "صوتنا" أم لم "نصوت". فلماذا استنكرنا ونددنا وشجبنا إذن؟ ألأن الحزب الحاكم قد قرر من باب –إن لم تستحِ فاصنع ما شئت- أن يحتل البرلمان احتلالا وأن يحصل على كل المقاعد –تقريبا-؟ نعم كان ما حدث "فجاَ" لكنه لم يغير في واقع الأمر شيئاً, في جميع الأحوال ستكون النتيجة أن الأغلبية للحزب المعَظم وأن مسلسل الانتخابات الرئاسية قد تم الانتهاء من تصويره ولم يعد ينقص سوى عرضه على المشاهدين في وقت لاحق.

لذلك كلنا مذنبون, لأننا كنا جزء من التمثيلية أو المسرحية بشكل أو بآخر, ولأننا ندرك تماما أنه مهما استنكرنا ونددنا فإن شيئا لن ينتغير .. ندرك تماما أن الانتخابات لن تغير شيئا لأنه حين تكون البذور فاسدة يستحيل أن يكون النبت صالحاً, وندرك تماما - أو علينا أن ندرك - أن شيئاً لن يتغير طالما أن الأمور على هذه الحال وأنه مطلوب منا أكثر بكثير مما نفعل –إن كنا نفعل-, ربما علينا أن نتساءل هل يكفي أن تمتنع عن الخطأ لتكون مصيباً وهل يكفي أن تجتنب الرذيلة لتكون فاضلا؟ وهل يكفي أن يتعلم الواحد منا ويحصل على شهادة ويعمل ويتزوج وينجب أبناء ويربيهم ويعلمهم ليعودوا فيفعلوا ما فعل!! هل هذا كافٍ؟

قد يكون هذا كافيا إن كنت مواطناً أمريكياً أو بريطانياً أو فرنسياً, لأنك حينها ستكون مواطناً في وطن "طبيعي" , أما أن تكون في وطن حاله كحال وطننا "المأسوف عليه" فلربما تحتاج أن تفعل أكثر كي تكون مواطنا حقيقيا, لأنك ستكون مسؤولا بطريقة او بأخرى عن حال البلد الذي أنت جزء منه, ولأنه يستحيل أن يكون "أضعف الإيمان" كافيا لنكون قد أدينا حق وطننا علينا حين يكون قد وصل به الحال إلى ما هو عليه.

أنا لا أكتب هذا لأنني أعرف جواباً محدداً لما يتوجب علينا أن نفعله كي نكون مواطنين صالحين في هذا الوطن مستحقين لأن نكون جزء منه, لكنني حين قرأت كيف يرى المهندس: محمد الصاوي "الوطنية" في نقاط عدة كانت إحداها أن الوطنية هي أن تقلع عن "تدخين السجائر أو الشيشة" , شعرت وكأنني أكاد اسمع مصر تقولها "الآن أرحل في قطار الموت ألعن كل خائن, فالكل يا مولاي خائن .. الكل يا مولاي خائن"ـ
,وأدركت أن أمامنا الكثير الكثير نفعله حتى نكفرعن ذنب الخيانة و حتى –ولو على الأقل- نعذر أمام الله في هذا البلد.

الأحد، مايو 9

مين المظلوم!!!!!!!


بدأت المذيعة تعليقها على الخبر المنشور في الصفحات الأولى في الكثير من الصحف بـ"الكارثة الأخلاقية" , ثم تابعت : "وقف خمس مدرسين عن العمل وإحالتهم للنيابة بعد اتهامهم بتعاطي الحشيش داخل المدرسة"ـ

معلمون..حشيش..وفي المدرسة!!! يبدو أن كل شيء في مصر قد صار قابلا للحدوث, هنا لم نعد نعرف المستحيل.
ثوانٍ ويتحرك الشريط أسفل الشاشة وأقرا " لتحميل أغاني
"Top 8"
اتصل من أي خط أرضي على ..... أو من أي محمول على ....... وحمل أغنية هوبا "حجرين عالشيشة" – كود النغمة.........ـ

نعم..نحن لا نعرف المستحيل, وليس لدينا أدنى مشكلة في أن تكون أحد أفضل ثمان أغانٍ لدينا بعنوان "حجرين عالشيشة" حيث يصدح فيها صوت الفنان العذب معرباً عن نيته في أن "يِدَور على نفسه" وحاكيا عن رؤيته لـ" نملة ديلها طويل وديك كان شايل فيل " من فرط إنتشائه بما استنشقه.

أمام هذين الموقفين تساءلت في نفسي عن المذنب الحقيقي فبدا الأمر كما لو أن الأخلاق في مجتمعاتنا قد قُتلت بسيوف كل هؤلاء وتفرق دمها بينهم فما عدنا نعرف ممن نأخذ القصاص...أترى من أرباب العلم أم أرباب الفن أم.......؟

وحينها تذكرت قصةً ليوسف إدريس بعنوان "المظلوم", وكان هذا المظلوم أحد أبطال ثلاثة, ثانيها طبيب والثالث ضابط.
وتحكي القصة أن الضابط قد ألقى القبض على ذلك المظلوم بتهمة تعاطي الحشيش واصطحبه إلى المستشفى بعد ابتلاعه لقطعة الحشيش التي كانت بحوزته , وطلب من الطبيب استخراج "دليل الإدانة" من معدة الرجل. وفعل الطبيب. حتى هذه النقطة لا يبدو المظلوم مظلوماً...شيء واحد فقط جعله كذلك, أن عيون الضابط والطبيب كانت حمراء بلون الدم, ليس من السهر على صحة أو أمن الشعب, وإنما لسبب آخر.

هنا زادت تساؤلاتي تساؤلاً آخر: ترى من يمثل المعلمين الخمسة في هذه القصة: الطبيب, الضابط, أم.....المظلوم؟ـ

الجمعة، أبريل 23

سينا رجعت لينـــا


أتساءل بينما أسمع هذه الأغنية ماذا كان ليصير حال "عبدالوهاب محمد" كاتب هذه الكلمات إذا طلب منه أن يكتب هذه الأيام عن سيناء التي عادت كاملة إلينا فباتت مصر- يومها - في "عيد"ـ

بعد ثمانٍ وعشرين عاما..التحية كل التحية للشهداء الذي بذلوا دماءهم لأجل هذا الوطن...وبخسناهم نحن من بعدهم حقهم

الجمعة، أبريل 9

في مثل هذا اليوم

هي ذاتها نفس المشاهد التي أراها منذ أيام حتى ملـت عينـاي...
صوت الرصاص يتوالى طلقة تلو الأخرى, تعزف لحن الموت, يتلوه نحيب
الثكلى والأيامى, الذي يعلو ليكمل السيمفونية ذاتَها..أشلاء الجثث المتناثرة
هنا وهناك وصفحات الدماء التي تروي الحكاية على أرض المكان، ذرات
التراب التي تتطاير في الهواء مختلظة بأرواح القتلى كي تمنح اللوحة لمساتها الأخيرة..

على الجانب الآخر أيضا, الأنشودة المعتادة..يسار يؤيد ويمين يستنكر ووسط تأخذه
الحيرة بين هذا وذاك فيؤثر الصمت..

هاقد حفظت المشهد عن ظهر قلب، لذا قررت الابتعاد قليلا, لكن ..هيهات..هيهات.
.قد صارت الأحزان أنفاسي التي أعجز عن الحياة بدونها..

أعود مرة أخرى لأجد الصورة كما هي, لكن هناك شيئ مختلف,في الواقع
لا في الصورة, يجلسون والصمت يطبق براحتيه على المكان ..
انظر إليهم واحدا تلو الآخر..أتساءل: ماذا يحدث؟!..ألتمس ردا، لكن لا إجابة....

يا إلهي ,لم أره يبكي قط, لكنه الآن يفعلها وبحرقة..أنظر إليه ..
أجول بعيني بينهم..أكرر السؤال مرة أخرى, أسمع صوتا هذه المرة..
لم يكن أحدا منهم..لقد أتى من تلك الآلة القابعة هناك على الطاولة في زاوية الغرفة.
.الصوت يخترق أذني بلا رحمة...........وسقطت بغداد...
_________________________________________________
في مثل هذا اليوم منذ سبعة أعوام سقطت بغداد, نسيت وذكرتني نشرات الآخبار.....آلمني كثيرا أن أنسى

الجمعة، أبريل 2

لعـب بجـــــــــــــــد


ممسكة بالريموت كنترول أقلب بين عشرات القنوات على التلفاز, في محاولة لقتل الملل المعتاد, أبحث عن أي شيء قابل للمشاهدة , ولكن دون جدوى, فعدد القنوات الـ "غير قابل للعد" لا يشكل فرقا في حال كونهم جميعا يكررون المعروض كل يوم تقريبا, حتى قنوات الأخبار.
فجأة دخل علي مسرعا: جيبي الجزيرة الرياضية.
أنظر إليه في نوع من الاستنكار تجاه هذه اللهفة: اشمعنى يعني؟ هو الأهلي هيلعب ولا الزمالك!!!
بالطبع لا تهمني الإجابة فأنا أشجع بترول أسيوط على الدوام!
هو:لأ دي مباراة بين الأرسنال وبرشلونة.
هنا يزيد استنكاري : طب واحنا مالنا!!!؟
هو:يا بنتي دول أرسنال وبرشلونة, يعني اللعب اللي بجد, يعني الكورة المحترمة.
أحاول أن أتذكر أين سمعت عبارة مشابهة قبلاً, نعم ابن عمي الذي في مثل سنه قالها ذات مرة.
في نفسي: هؤلاء المراهقون السذج تطغى عليهم عقدة الخواجة, "ماهي كلها كورة, وبعدين ده احنا فريقنا-بسم الله ما شاء الله -أخد كأس الأمم تلات مرات على التوالي.في النهاية قررت أن أحول إلى الجزيرة الرياضية,
بذات اللامبالاة جلست أمام الشاشة أتابع اللعب متسائلة عن السبب الذي يجعل هذا اللعب "مختلفاً", كرة صغيرة "مكورة" تتدحرج على الأرض بين أقدام اللاعبين, مرمى هنا, ومرمى هناك, والكل يحاول أن يستحوذ على الكرة. حتى الآن لا أشعر بأي فارق, خاصة وأنني أصلا لا أعرف الفرق بين الفاول والآوت.
بعد دقائق, قرر أحد مدربي الفريقين التبديل, لم أركز كثيرا بالطبع لأن أقصى معلوماتي عن الفريقين أن برشلونة فريق اسباني والأرسنال هو-على ما أعتقد- فريق انجليزي.
وتم التبديل, وهنا انتبهت, تعليق غريب من المعلق وموقف أكثر غرابة من الجمهور, ليس من الطبيعي أن يجتمع الجمهور بأكمله في مباراة على تحية لاعب واحد, ما بال هؤلاء!! ...متسائلة: هو الراجل ده تبع أنهي فريق بالضبط!!؟
وهنا تأتيني الإجابة من شخص "مذاكر كويس", ده تيري هنري, وشيئا فشيئا زال الغموض حين عرفت القصة, فهذا اللاعب لعب لدى الأرسنال قرابة الثمانِ سنوات, ثم انتقل مؤخرا إلى برشلونة, لكن الأهم من ذلك كله, أن الإنجليز والأسبان وقفوا بكل فخر وسعادة في الملعب تحية لذلك اللاعب الفرنسي. لم ينس مشجعو فريقه القديم فضله وحبهم له, ولم يلعنوا اليوم الذي عرفوه فيه أبدا.
هنا أتذكر الحوار الذي دار البارحة بيني وبين صديقتي الأهلاوية حتى النخاع, كعادتي كنت استمتع باستفزازها داعية الله أن "الزمالك ياخد الدوري السنة دي", من باب التغيير, لتواجهني بسيل من الانتقاد اللاذع لفريق الزمالك "اللي ما بيعرفش يلعب أصلا" وذلك الـ.............حسام حسن الذي رشا كل حكام المباراة منذ بداية الدوري, (واملأ مكان النقط ما شئت)، هنا أتساءل: ألم يكن حسام حسن يوما لاعبا للأهلي؟....أتذكر تلك الأيام وقدر سعادة جمهور الأهلي به, وأعود لأنظر إلى حال صديقتي التي أصبحت "تطيق العمى ولا تطيقش سيرته".... تحول الحديث إلى "أحمد حسن" وهنا تأتي صديقة "زملكاوية" لتأخذ نصيبها في الحوار ولتعلن كرهها له, إضافة إلى تصريح "بعدم حبها" لأبو تريكة...إذن فالقاعدة عند صديقتي هي" أنت أهلاوي, إذن فلتذهب إلى الجحيم", وهذا يختلف مع القاعدة عند صديقتي الأولى والتي تنص على أنه "أنت زملكاوي, إذن أن تحمل كل تلك الصفات "المشينة" فأنت فاسد مرتشَ, وطبعا "مابتعرفش تلعب وآخرك "كورة شراب".

أتوقف عند هذه النقطة من تذكر حوار اليوم السابق, وقد صارت القاعدة عندي "أن تكون مصريا, فلا بأس بقليل من عقدة الخواجة, إن كان "الخواجات اللي هيعقدوك هما جمهور الأرسنال".

الثلاثاء، مارس 16

العالم في عيون صغيرة

كنت أدندن "أصبح الآن عندي بندقية"
نظرت إلي في اندهاش وسألتني: (إيه ده هو انتي بأه عندك بندقية!!!؟)ـ
ابتسمت وسألتها: وفيها إيه!
فأجابتني بفرح: كويس عشان نبقى نصطاد بيها حمام.
حينها تملكتني الحيرة, أترى علي أن اشفق على هذا الجيل الصغير الذي تعلم أن البنادق لا تستخدم سوى للصيد!!
أم أحسدهم لأنهم أدركوا مبكرا الحقيقة التي لم ندركها نحن, أن البنادق تصنع الآن فقط كي تقتل الحمائم!!!ـ

*****

كنا نتجول معا, أوقفتني مشيرة إلى صورة كبيرة رسمت على سور مدرسة وسألتني: هوه مين ده؟
أجبتها: ده رئيس مصر
- إزاي يعني رئيس مصر؟ يعني هو اللي عمل مصر؟
-لأ
-يعني هو اللي سماها مصر؟
-لأ
-طب يعني هو اللي بيحكم مصر؟
-أجبتها بنعم, فأطرقت لحظات ثم سألتني: هو حارب مين؟ يعني ضدنا احنا ولا ضد إسرائيل؟
- هو زمان كان ضد اسراائيل دلوقتي بصراحة ما اعرفش هو ضد مين.
- ايه اللي بتقوليه ده!!! مش هو مصري يبقى أكيد ضد إسرائيل.
*****
-Ok
قلتها لصديقتي ووضعت سماعة الهاتف, فوجدتها تنظر إلي بدهشة شديدة ثم سألتني: هي صاحبتك دي إنجليزية؟
لم أفهم سبب سؤالها فسألتها :ليه يعني؟
-أصلك بتقوليها
Ok
هي يعني مش بتفهم عربي؟
-أجبتها ببعض من الخجل: لأ طبعا بتفهم عربي.
فردت في حماسة: طب خلاص يبقى ليه تكلميها بالإنجليزي!!ماتقوليلها حاضر او طيب.
*****
في أحد شوارع المدينة الكبيرة, علقت اصابعها بملابسي وطلبت مني أن اتوقف,
اشارت إلى الأرض ثم سألتني: هي الأرض دي مكسرة ليه!!؟
أجبتها: عادي يعني مكسرة احنا في مصر.
-إزاي يعني عادي!! الميس في الحضانة قالتلنا إن ربنا خلق الأرض مستوية.
-نظرت إليها ببعض ابتسامة وبعض حزن و صمت.
*****************************************************
بعض المواقف التي حدثت معي وأختي الصغيرة.

الخميس، مارس 11

بالــــعربي


يحكى أنه حين فتح المسلمون الأندلس, وبعد انتشار الإسلام فيها, كتب علماء البلاد يستنكرون ما أسموه "ميوعة" الشباب في انجذابهم للغة العربية وخلطها بلغتهم الأم.

يقول د/مازن المبارك*:
(إن اللغة صفة الأمة في الفرد, وآية الانتساب إلى القوم, وحكاية التاريخ على اللسان, فمن أضاع لغته فقد تاه عن أمته وفقد نسبه وأضاع تاريخه).

إذن فاللغة ليست أحرفا تجتمع لتكون كلمات تقف مهمتها عند حد التواصل بين البشر, إنما هي هوية لصاحبها, تصنع ثقافته وتميز عقله وخلقه, ويصير ضياعها هو الخطوة الأولى على طريق انهيار الإنسان وانهيار الأمة.

ولكن نظرة واحدة على واقعنا الحالي, هي كافية لتؤكد أن حقيقة مفهوم اللغة غائبة عن الكثيرين, فالأمر تخطى ضعف اللغة عند ملايين الناس إلى حد إهمالها إهمالا تاما, فصارت مهمة الفصحى قاصرة على قراءة القرآن عند البعض, وأما دون ذلك فقد أغرقت المصطلحات الغربية الكثير من كلامنا اليومي, واضحى الآلاف منا يفضلون استخدام الإنجليزية على العربية, بل الأدهى من ذلك أن نمسخ لغتنا لنكتبها بأحرف لغة أخرى وتصير هي اللغة السائدة في التواصل الكتابي, على الهواتف المحمولة أو شبكة الانترنت.

وهنا من الطبيعي أن تجد آلاف الأصوات تتعالى لتتحدث عن روعة الإنجليزية وقدرتها على التعبير وكونها اللغة الأولى في العالم, آلاف الأقاويل التي يسوقها الكثيرون ليبرروا بعدهم عن العربية, وهنا أذكر قولا للمستشرق الفرنسي الشهير ماسينيون يقول فيه :(لِيصمد العربُ ، فالعالم بأمسّ الحاجة إليهم، وليحترموا عربيتهم ، هذه الآلة اللغوية الصافية التي تصلح لنقل اكتشافات الفكر في كافّة الأقطار والأمصار ، وليحافظوا على أصالتها فلا تنقلب مسخا مقلِّدا للغات الآرية ، أو أن تتخثـر في حدود ضيّقة شأن العبرانية الجديدة التي تخثـرتْ في الصهيونية المتطرفة)

يبدو أن ذلك الرجل "غير العربي" قد أدرك من قيمة العربية ما غفلناه نحن, ففعلنا بالضبط ما تمنى ألا نفعل, فقدنا احترامنا لعربيتنا وقلبناها مسخا, فتخثرت في حدود ضيقة جدا, وأنكرنا بهاءها وقدرتها التي اعترف بها الغرب قبل العرب في نقل اكتشافات العلم والفكر إلى كافة أقطار العالم.

وهنا ايضا, قد تعلو اصوات أخرى لتحدثك عن الواقع الذي تحول فيه العالم العربي إلى عالم استهلاكي, وتقدم الغرب فكريا وعلميا فأصبح من الطبيعي أن تحل الإنجليزية محل العربية على اعتبار أن تميز قومها يكسبها قوة وتميزا ومع أنه لا أحد يستطيع أن ينكر ما آل إليه حالنا العربي في كل مجالات الفكر والعلوم, لكن تظل هذه الأصوات حديث حق يراد به باطل, فليس معنى أن الحال قد انحدر بنا , أن نكمل نحن جميعا مسيرة الانحدار فنتخلى عن لغتنا ونضيع ما تبقى لنا منها, لأن اللغة تؤثر في كل مناحي الحياة, بل هي تستطيع أن تبني فكرا وعقلا قويما, وفي ذلك يقول الإمام ابن تيمية-رحمه الله- (إنّ اعتياد اللغة يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيراً قويّاً بيّناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقلَ والدينَ والخلقَ).

إذن, فإن كنا نستنكر الحال الذي وصلت إليه أمتنا, فالأحرى بنا أن نتعاون كي ننهض بها, لا أن نجرها إلى الحضيض, وأن ندرك أن الحديث في قيمة اللغة عامة, والعربية خاصة, ليس حديث مثاليات وتشبث بفراغ أوأحلام تحلق في سماء الخيال دون أن تلامس أرض الواقع. إنما هو محاولة التشبث بأساس كينونتنا العربية الإسلامية, والبحث بين جوانب هذه اللغة العظيمة عن هويتنا الغائبة وروح الإسلام والشرق التي فقدناها.


وأخيرا لا يبقى سوى قول لمصطفى صادق الرافعي -رحمه الله- يقول فيه: (ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبار، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة ، ويركبهم بها ، ويشعرهم عظمته فيها ، ويستلحِقهم من ناحيتها ، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ : أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً ، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً ، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها ، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ ).

________________________________________________
*رئيس قسم اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.

الجمعة، مارس 5

بين الصمت والأسئلة


"قالوا لنا ذات كذب أن أعمارنا هي الوقت الوحيد والمناسب لممارسة الحياة, لكنهم لم يخبرونا عن قهر يقضم أطراف ايامنا وعن غائب لن يأتي"ـ

تستعيد ذاكرتها تلك العبارة, قرأتها ذات مرة, لمست شيئا بقلبها, صدقتها, لامتهم على كذبهم, لكن الآن ورغم أن القهر لا يزال يقضم أطراف أيامها , والغائب لم يأت بعد, سامحتهم, هم لم يكذبوا, لكن حينها ربما كانت اصغر من أن تدرك أن للعمر والحياة معان آخرى, غير التي تعرف..

"إن الإنسان في حاجة إلى عامين ليتعلم الكلام وإلى ستين عاما ليتعلم الصمت"

تعلم أنها تخطت العامين بكثير, وشهادة ميلادها تقول أنها لم تصل بعد عمر الستين, لكن من قال أن العمر يقاس بما كتب على الورق, هي تعلم أن العمر يقاس بما كتب على صفحات القلب والعقل, لكن ترى هل وصلت سن الصمت!!!!!!!ـ

"هل شعرت ببلاغة الأشياء التي أقولها عندما لا أقول شيئا؟"

اكتشفت أن الأمر كذبة, أو أنهم لا يدركون أننا حين نصمت, لا يكون الأمر عجزا عن النطق بقدر ما أن الكلمات التي لا تقول الحقيقة بدقة, هي كلمات لا تستحق أن تقال, ولكن الصورة تظل في عيونهم اننا نصمت وفقط, ولأننا اخترنا الصمت فقد حملونا وزر النوايا.ـ

"ولأن الأسئلة تسكن في كل زاوية على هذه الأرض, أسئلة حمقاء واسئلة تعاني تخمة الأجوبة, وأسئلة يتيمة حرمت حضن الإجابة قبل أن تولد, فقد يقفز سؤال متشرد ليقول : ما سبب هذه الرسالة؟!!ـ

ولأن الأسباب هي إجابات لا تعترف بالحدود ولا يعترف بها وطن, فربما هو ذلك التمزق داخلها, الرغبة أن تقول الكثير, أن تصف ما تشعر به, أن تحكي كل ما يؤرقها, أن تصف الكون والناس والوطن, الرغبة التي تتحطم دوما على صخرة صمتها..

**********
ملحوظة: إلى كل من يقرأ فلتعتبروا أن ابنة العمر الطويل الذي ربما قد اقترب من الستين أو تخطاها, تعود إلى عمر العامين لتحاول من جديد أن تتعلم .... الكلام ...ـ