بـدون تعليـــــــق

___________________________

الجمعة، فبراير 27

فقط.....اسمه وذكريات


"سنرجع يوما إلى حينا..ونغرق في دافئات المنى"* كل صباح وحين ينطلق صوت الأغنية ليملأ جنبات غرفتها, يكون ميعاد استيقاظها, تفرك عينيها بهدوء, تنصت في صمت إلى الكلمات التي لم تفهم يوما سبب عشقها لها.

هذا الصباح, عند السابعة, وحين انطلق الصوت, لم يوقظها, فهي لم تنم الليلة الفائتة, كانت تخشى أن تسدل أجفانها فيأتيها الصبح سريعا في غفلة منها.

"ومازال بين تلال الحنين وناس الحنين مكان لنا"* عند هذا المقطع تغلق منبهها, الآن لم تعد تصدق تلك الكلمات.

بضع ساعات تبقت على اللحظة التي تخشاها, كل ما حولها يبدو مستعدا لوداعها, نوافذ بيتها المغلقة, مقاعد الصالة التي تغطيها الملاءات البيضاء, ثلاجتها الفارغة ومزهريتها الخالية من الزهور.

لم تتخيل يوما أن تفارقه, منذ سنوات كانت تتعجب من أولئك الذين يستسلمون للفراق ويختارون الرحيل, كانت دوما ترى أنها لم تتعلم حبه, قد ولد معها حين ولدت, لكن اليوم هي أعلنت استسلامها مثلهم, لم تتحمل قسوته عليها, سامحته مرارا, لكنه لم يبادلها الحب يوما, قد قتل فيها كل المعاني الجميلة, أحلام الطفولة وآمال الشباب, اليوم لم يعد حبه سوى خنجر لا تزال عاجزة عن انتزاعه من قلبها, تعلم أنها ليست ضحيته الوحيدة, كثيرون قتلوا قبلها, الآن صارت ذنوبه لا تغتفر.

حان الوقت, تحمل حقائبها, تتأكد أنها لم تنس شيئا, تتحسس دقات قلبها كي تتأكد أنها لم تتركه خلفها, قبل ان تغادر, تحاول أن تملأ رئيتيها من ذاك العبير, متسائلة ما إن كانت ستعود إليه مرة أخرى..

تصعد السلم, مع كل درجة تقترب الإجابة منها, تزيدها ألما, تقترب, فلا تملك إلا أن تسلم لها. عند الباب, تلتفت كي تلقي إليه بنظرة أخيرة, لا يزال يعطيها ظهره في صمت قاتل.

تستقر في مقعدها الذي اختاروه لها بعيدا عن النافذة, يعاودها اللحن, وتتوه منها الكلمات, يتراءى لها ذلك العندليب*, يبدو حزينا صامتها هو الآخر, لم ينطق كي يخبرها بالعودة.

حين تبدأ الطائرة في التحرك, تكتب الحكاية سطورها الأخيرة, ترحل إلى تلك البلاد الباردة, لا تحمل منه في جعبتها سوى بعض ذكريات, واسمه المكتوب في جواز السفر....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*سنرجع يوما_ غناء فيروز_ كلمات هارون هاشم رشيد_

الجمعة، فبراير 20

بين الـ(هو) والـ(هي).....



من بنات حواء, عمرها لم يتعد بضعا وعشرين عاما بعد..

فتاة جل ما قد تفكر فيه هو موضة الملابس هذا العام, موضة ال(MAKE UP ), فارس الأحلام الذي سيأتي على الحصان الأبيض...

تلك هي الصورة عند الكثيرين, إن لم يكن عند الأغلبية, فتاة لا تستطيع أن تبصر أمامها أو حولها, أو ربما هي لا تهتم بذلك, فهي دوما تنظر تحت قدميها, وحين تحيد إحداهن عن ذاك الطريق تغرقها نظرات الدهشة عن كيف يمكن أن يكون من بين بنات حواء من قد تفكر في شيئ آخر..

بالأمس كانت-وكما يسمونها- (قعدة بنات) وكان السؤال عن أولويات البنات, أما عن سبب السؤال فكان لوم إحدانا لأخرى على اهتمامها الشديد بسماع نشرات الأخبار وتفاعلها المبالغ فيه مع أحداث لبنان وغزة ومصر بالطبع..

حاولت الإجابة على السؤال, بدات في التفكير, وألح علي سؤال غريب, هل بين الواو والياء تكمن كل هذه الفروق؟؟....

هل هو أكثر مني وطنية؟ هل هو أكثر مني وعيا؟ هل هو أكثر مني حبا لهذا الدين وهذه الأمة؟ هل هو أكثر مني إدراكا للأحداث؟ هل هو أكثر مني حمية تجاه أشقاء يموتون كل يوم؟ هل هو أكثر مني نخوة؟ هل هو أقوم مني عقلا؟؟؟...

لماذا تصير أعظم أولويات الحياة عند واحدة منا هي انتظار من يسمونه بفتى الأحلام, لكن بالنسبة له فأولوياته أعظم وأعظم...

أعلم أن واحدا من أهم الردود على حديثي سيكون بالكلام عن المهمة التي خلق الله المرأة لأجلها, وعن عملها المقدس في هذه الحياة, لكن يبدو أن كثيرين قد نسوا أن ليس كل امرأة تستطيع أن تقوم بتلك المهمة لمجرد كونها امرأة, نحن لا نتحدث عن نوع بل عن مدرسة كما قال الشاعر (إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق), لذلك فالاندماج في الحياة والتفاعل مع مجرياتها لن يحرمها أن تعيش حياتها كما أرادها الله لها,وأن تقوم بمهمتها المقدسة على أكمل وجه..

لذا فحين اشتري الجرائد, أو اشاهد نشرات الأخبار, أو أتحدث في السياسة, أو اكتب عن حال الوطن, فهذا لا يعني أنني قد خرجت عن إطارهن إلى عالم آخر..

فأنا إنسان, مسلم, عربي, مصري,بإضافة تاء مربوطة نهاية كل كلمة, وفي خانة النوع قد كرمني الله بأن المكتوب (أنثى)....

الخميس، فبراير 12

Valentine's Day

لديك وردة واحدة ....لمن قد تهديها؟؟؟؟؟؟


ورود حمراء, قلوب حمراء, دمى حمراء, ملابس حمراء, كل شيئ مصبوغ باللون الأحمر, اليوم ..الأحمر هو الملك, منذ سنوات قليلة كان مشهد كهذا قد يثير في نفسي تساؤلا عن ذلك السبب الذي أدى إلى ما أراه, لكن وبم أنني في الجامعة الان, وقد صرت أكثر *وعيا وثقافة* فلم أعد بحاجة إلى هذا السؤال لأنني صرت أعلم أن اليوم هو (الفالنتين)....
نعم لم أعد بحاجة إلى إجابة على ذلك السؤال, لكنني صرت بحاجة إلى إجابة على أسئلة أخرى, عن هؤلاء الذين يحتفلون بهذا اليوم, ترى ماذا يمثل هذا اليوم بالنسبة للكثيرين ممن يحتفلون به؟!!, هل كل الورود الحمراء التي أراها تعني أن هناك حبا؟!!, للحظات أتخيل حال الدنيا إذا كان الحب فيها بعدد تلك الوردات, أو تلك الهدايا التي يتبادلها هؤلاء, دنيا رائعة مليئة بالحب, لكن الحقيقة ليست كذلك. فالكثير من تلك الورود لا يعني أكثر من كونه وردة..وردة صار إهداؤها في يوم كهذا مجرد عادة بل وربما عند البعض تسلية...

سؤال آخر عن السبب الذي جعلنا نطلق على اليوم اسم (عيد الحب)..
(Love day) وليس (
Valentine's Day)هو اسمه
وبالتالي فهو احتفال بالقديس صاحب الأسطورة لا احتفال بفكرة الحب ذاتها. لست هنا لأحلل أو أحرم, فهي ليست مهمتي, لكنني أتحدث عن المبدأ, لماذا تتحول ذكرى كهذه إلى عيد للحب في بلادنا نحن؟.!!..لماذا يتحول عيد يطلق عليه البعض ( يوم الوعي للعذاب ) إلى عيد للحب عندنا؟!!

وأخيرا.. لست ضد فكرة عيد الحب, بل على العكس هي فكرة جميلة, لكن ليس على هذه الشاكلة, لماذا لا نختار يوما للحب خاصا بنا, ربما لا اعرف يوما محددا قد نختاره لكن لماذا لا نحاول؟!!.... يوم مختلف ليس كالفالنتين, يوم للحب , وللحب فقط, لكل من يحب وبصدق, يوم نهدي فيه الورود لمن نحب حقا, لأبائنا, أمهاتنا, أخوتنا, اصداقئنا, أحبائنا, وأوطاننا؟......يوم نقول فيه كلمة طيبة لكل من امتلك في قلوبنا مكانا جعلنا نحبه......

الجمعة، فبراير 6

تكـــــــــويـــن


لحظات تمر عليك, تتألم كثيرا, يتألم عقلك, قلبك بل تتألم كلك.قد يستهين أحدهم بالأمر حين يسمع كلمة لحظات, لكن أليست قطرات الماء تصنع بحرا!!!

تجتمع لحظاتك لتصنع حالة, واقعك الجديد, لم يعد الأمر لحظات بل هي حياتك بأكملها..

ينعتونك بلفظ صار مألوفا "انت شاب" تتساءل كثيرا عن معنى الكلمة, فيأتيك الجواب من تلك الحالة..

ممزق أنت بين أمرين, هم يرونك اقل مما أنت عليه فتشعر بالغضب, لكنهم في المقابل ينتظرون منك أكثر مما تستطيع فتشعر بالعجز..

بين غضب وعجز يبدأ التكوين, ولأن التكوين غالبا ما يكون عسيرا حتى وإن كان مستقرا فتكوينك أنت وبهذه الحال يتحول إلى معركة, معركة تجهل فيها عدوك, معركة تتوقف فيها آلاف المرات لتسأل نفسك: هل أنا على حق؟؟؟!!!!

الحائرون دائما يحاولون البحث عن إجابات لتساؤلاتهم, لكنك حتى لم ترق إلى مستوى الحيرة بعد, فلا زلت تحاول صناعة الأسئلة..

كل شيئ حولك يبدو مبهما, حتى تلك الأشياء التي قد يراها الآخرون واضحة أنت لا تراها كذلك, ربما نورها القوي قد أعمى عينيك عن رؤيتها أو أن عينيك لم تنضجا بعد..

تمتزج بداخلك مشاعر كثيرة;خوف, ألم, كراهية, حب, عجز,قوة، حسرة, يأس. كل تلك الخطوط تتداخل لترسم لوحة, لكن اللوحة مشوهة لا تستطيع أن تفهم منها شيئا.

تتساءل كثيرا :لماذا أنا هنا؟ في هذا المكان, في هذا الزمان؟! تتخيل نفسك في مكان آخر وزمن آخر, تراه جميلا, لا لشيئ إلا أنك –أبدا- لن تستطيع أن تكون هناك.

غارق أنت بين ملايين الكلمات التي تملأ كتبك, تتذكر أحلامك الوردية التي كانت تشغلك منذ سنوات, أن تكون طبيبا, مهندسا, مدرسا, ضابطا, فنانا أو غير ذلك. أحلامك التي ذبلت أول ما وطئت قدماك أرض الجامعة أو محل دراستك ايا كان, ربما ستكون طبيبا أو مهندسا أو اي شيئ آخر قد كنت تحلم به لكنه الاسم فقط, فتلك الصورة الوردية قد ذبلت هي الاخرى وصار الأمر مجرد (أكل عيش أو شهادة والسلام).

يقف البعض ليتهمك بالتخاذل, تحاول الدفاع عن نفسك, "لم أكن كذلك, هم جعلوني متخاذلا", هم أخطأوا وكنت أنت خطأهم, كانوا الفاعل وكنت الفعل والمفعول به في آن واحد.

تحاول أن ترضيهم, لكن أنى لك ذلك! بينما أنت غارق في تلك الكلمات يطلبون منك أن تفعل شيئا آخر يسمونه (ذا قيمة) غير الدراسة, وحين تحاول يخبرونك أنك لم تصل بعد إلى العمق المطلوب في بحر الكلمات ويطلبون منك ... ان تغرق أكثر..

تفكر في ذلك الذي سياتي, تحلم به, للحظات يتحول الحلم كابوسا, يجعلك تتمنى أحيانا ألا يأتي المستقبل ابدا.

لحظات أخرى-قليلة- فيها تستشعر قوة لا حدود لها تسري في روحك, لا تدري لها سببا, ترى نفسك أقوى من كل شيئ, بإمكانك أن تغير العالم لو أردت فأنت قادر على كل شيئ, عند الاصطدام الأول تتلاشى تلك القوة لتبقى روحك مهشمة..

لا زلت في عيونهم ذلك الصغير, ربما يرون أن أقصى همومك هو مادة معقدة أو امتحان صعب,كثير منهم لا يدركون أن ذلك الصغير قد كبر وكبرت معه همومه, ذلك الصغير قد صار الان يتساءل عن ماهية الحياة, عن معنى الوطن, عن مفهوم الحب, وعن ذلك السبب الذي لأجله صار موجودا.

تتأمل الكون من حولك, تعجز عن فهمه, يؤلمك, تخشاه, تحاول من جديد أن تفهمه, فلا زال في نفسك شيئ من قوة.

بين تلك المتاهات تشعر أنك وحيد في هذا العالم المزدحم, ليس معك إلا هو, لكنك أيضا لست واثقا إن كنت تستحق أن يكون معك, حين تضيق بك الدنيا تلجأ إليه, ترجو عونه, تشعر بقلبك يرفرف في رحابه,قد صار القلب طاهرا, هكذا تراه, حالة وانتهت ليعود القلب إلى الدنيا مغادرا تلك الرحاب الطاهرة.

هكذا أصبحت الصورة أمامك, ما إن توشك أن تتضح حتى تصبح أكثر غموضا, كلما عثرت على إجابة لسؤال أغرقتك ملايين الأسئلة. تحاول أن تستجمع قواك للاستمرار.

بينما أنت كذلك, ينمو هو بداخلك, ينمو ثم ينمو, وحين يكتمل التكوين يبدأ المخاض,دائما يكون مؤلما, لكن في النهاية ... سيولد هو ليكون أنت,قد يختلف المولود من شخص لأخر, ربما كان ميتا, مشوها وربما صحيحا سالما فقط لأن التكوين كان صحيحا وحينها وللمرة الأولى فقط سوف تتوقف-مؤقتا- عن صناعة الأسئلة....... كي تعيش الأجوبة.......